إن إعادة الاعتبار لقصيدة الإمام سعيد بن أحمد؛ (يامن هواه)، ونسبها لقائلها، هدف جعلته الباحثة شيخة الفجرية منطلقا لها عند قراءة التجربة الشعرية العمانية، وفق المنهج التاريخي، ملقية الضوء على تعدد المدارس العمانية الشعرية، وقامت بتحليل النص على المستوى الدلالي، والصوتي، والتركيبي للقصيدة، والصورة والانزياح، لكنها لم تتوقف عنده طويلا، عندما اختارت أن تدرس "ثنائية الشعر والنثر في الحداثة الشعرية العمانية"، بل سرعان ماتجاوزته، بعد أن أعطت النص مايستحق من الدراسة، والتحليل، لتجعل بحثها مناسبة لتتبع الشعر العماني عبر العصور، والتعريف بأبرز شعرائه عبر التاريخ، وصولا إلى العصر الحديث، وقصيدة التفعيلة، ودخول منطقة الحداثة، ووضعها في النثر، والشعر ضمن سياقهما الصحيح، دون انفصال كلمة الحداثة عن سياقها التاريخي.
الفضول يسكن خالد لمعرفة ما حدث. إلا أن فضوله لمعرفة تفاصيل الجسد الواقف أمامه كان أكبر. تأمل الصالة مرة أخرى. نظر إلى البعض وهو يرقص بهستيرية غريبة. تناقضات يعج بها المكان. أيقن خالد أن الكازينو هو مجرد مجتمع مصغر لمجتمع كبير. تنوع بشري مذهل. حراك محسوس حتى على مستوى الثورة. في الخارج ثورة على النظام. في الداخل ثورة على النفس. الفرق بينهما هو أن في الداخل تتداخل الخطوط الحمراء مع الخطوط الخضراء، بينما في الخارج هناك هناك خطوط حمراء تفرض نفسها بالدرجة التي لا يمكن المرء تعديها إطلاقا. ما زال خالد في لحظات دهشة. عالم آخر يعيشه هنا. رغبة داخلية للتغيير. فضول كبير للتجربة. ما زالت عياناه تجولان في المكان بحثا عن عمر.
"سوف يطارده وجهها كثيراً، هل هذا حلم؟ كان يسأل نفسه، من هي؟ لا يعرفها حتى ذلك الوقت، لكن عندما هبط به الطائر على مرج أخضر ممتد تسيل الينابيع بين تلاله الحجرية الصغيرة، وألقى به على بساط أخضر من العشب فوجدها تقف قريبة منه، هي ذاتها، المرأة التي كانت تقف عند الباب، التي ابتسمت له، هي ذاتها الابتسامة، وقف على قدميه، شعر في البدء بثقل في رأسه، شعر وكأن دواراً قد أصابه من هول المفاجأة،"
"سوف يطارده وجهها كثيراً، هل هذا حلم؟ كان يسأل نفسه، من هي؟ لا يعرفها حتى ذلك الوقت، لكن عندما هبط به الطائر على مرج أخضر ممتد تسيل الينابيع بين تلاله الحجرية الصغيرة، وألقى به على بساط أخضر من العشب فوجدها تقف قريبة منه، هي ذاتها، المرأة التي كانت تقف عند الباب، التي ابتسمت له، هي ذاتها الابتسامة، وقف على قدميه، شعر في البدء بثقل في رأسه، شعر وكأن دواراً قد أصابه من هول المفاجأة،"
كان منزل الدكتورة هدى يطل على البحر مباشرة، لا يفصله عنه سوى عدة أمتار وساتر إسمنتي، وبعدها يأتي ذلك الممشى الجميل الأنيق الذي تحيط به أشجار القرم من كل جانب. لذلك يكون مزدحما طوال شهور الصيف القائضة، وهذا الممشى المكان المفضل لممارسة الرياضة، خاصة المساء بين أحضان أشجار القرم وغروب الشمس ورائحة البحر؛ لذلك أطلق عليه شاطئ العشاق.
ما الدّاعي إلى تناول ثلاثة تجارب مسرحية متباينة في كتاب واحدة ما الذي يجمع بينها؟ وما الذي يجعلها متفرقة وقابلة للجمع في آن معا؟ الكل كاتب أسلوبه الذي يكتب به، كما أن لكل مخرج طريقة. فلماذا كتب محمد الشنفري مسرحيتيه بذلك الأسلوب؟ ولم يكتب مثله بدر الحمداني؟ ولماذا لم يخرج محمد خلفان "قرن الجارية" كما أخرج الشنفري مسرحية "مليونير بالوهم"؟ فلأننا في الحقيقة، لا نملك القرار، لنلزم أحدا أن يكون مقلدا للثاني. آمل أن أكون قد أجبت على السؤال الذي افتتحت به هذا التقديم المقتضب، أخذ يتضح لكم أن دوافع اختياري لهؤلاء الكتاب الثلاثة معا نابع من غرض جمالي إبداعي بالمسرح، وهو انشغال عندي مشدود إلى أفكار جيل من الشباب المسرحي في عمان، ينعقد عليهم التنوير والتطوير.
تدور أحداث الرواية في معظمها في إنكلترة. أما أبطالها، فالطبيب الناجح العربي الأصل نديم نصرة المتزوج من "مورين" والمتعلق جداً بجذوره العربية ود. نديم ومليحة المرأة العربية زوجة نافع صديق أخيها عبد الواحد. والزوج الخائب نافع. مليحة عانت الويلات من ظلم المجتمع الذكوري في بلدها وزوّجها أخوها غصباً عنها وهاجرت مع زوجها نافع العاطل من العمل والذي خدعها وخدع أهلها على أنه رجل أعمال ناجح. في أحد المطاعم تجمع الصدفة بين نصرة، ومليحة، ونافع. وتبع ذلك علاقة صداقة تحوّلت سريعاً إلى علاقة حب مجنونة بين د. نديم الذي صعق بجمال مليحة العربي وأوقد نار الحب العاصف والرغبة الجامحة، فتحول الطبيب الناجح ورب الأسرة الهادئة إلى عاشق ولهان لا هدف له ولا عمل إلى التقاط أوقات المتعة بقرب مليحة، الفقيرة التي هي بأمسّ الحاجة إلى مال نصرة وهداياه الثمينة. وتتوطد "الصداقة" بين نافع ونصرة، وتنشأ على ضفاف هذه الصداقة بل في قلبها علاقة الحب المجنونة بين نصرة ومليحة. حتى إن نصرة يهجر عائلته وعيادته ويعيش مع صديقه وعشيقته. تتلاحق فصول الرواية وأحداثها بأسلوب مشوق برعت غالية آل سعيد في سرده بلغة سلسة مطعماً بأبيات شعر وقصائد للشاعر عدنان الصائغ تلطّف من أحداثها المعقدة وعلاقات أبطالها الملتبسة.
لما كان الدور العماني في القارة الأفريقية وحضارتها يحتاج إلى توضيح وإبراز؛ فإن كثيراً من الكتب والمؤلفات والتقارير التي دارت حوله لم تعطه حقه الكامل؛ هجاء كتاب جهينة الأخبار تاريخ زنجبار لمؤلفه سعيد بن علي المغيري مصباحاً يضيئ للباحثين الصفحات الخالدة التي سطرها العمانيون في القارة الإفريقية. وقد اعتمد المؤلف في كتابه جهينة الأخبار على مصادر أصلية تمثلت في مشاهداته وملاحظاته الشخصية؛ فقد كان مقرباً لدى السلطان السيد خليفة بن حارب، كما استمد معلوماته وأخباره من مسؤولي عصره، بالإضافة إلى جمعه للمؤلفات التي كتبت عن شرق القارة سواء المؤلفات الأوروبية أو المؤلفات العربية.
هذا عمل علمي متميّز يستحق الإشادة والتقدير من الباحثين والدارسين وجمهور القرّاء المهتمين بتاريخ عُمان الحديث حيث قامت الباحثة في أسلوب أكاديمي رفيع بالكشف عن آفاق جديدة ومبتكرة في تاريخ علاقات عُمان الخارجية وتحديداً وضع جوادر تحت السيادة العُمانية خلال الفترة (1913-1958) والآثار التي ترتبت عليه من الناحية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.
ثلاثة عقود تفصلنا عن ديوان الشاعر العماني عبدالله الريامي الأول «فَرْق الهواء» (1992)، ثلاثة عقود ترقبنا فيها هذا الديوان الجديد فإذا هو ممحاة للزمان، وقصائده تذلل الانتظار، تجعله فترة وجيزة أمام قدرتها المدهشة على صوغ خريطة شعرية هائلة ومترامية لجيش من رجل واحد، لجمهرة من شاعر واحد متفرد، يلملم ما تبقى لنا من شعر وحب في هذا العالم.
حارة العور "حارة الداخل" المهمة تاريخيا إذ فيها قصور السلاطين، وهي مطلة على البحر، كانت في ميناء مزدهر تطل به على بقاع العالم، ومنه أبحرت الحملة العمانية إلى شرق أفريقيا وإلى زنجبار التي تحولت إلى مستعمرة تابعة لعمان. وحارة ولجات فيها والمدرسة السعيدية والتكية وسداب وأغربها حارة العور. حارة العور أسم رواية قاتمة بالتفاصيل ولم أستطع محو أسم حارة العور من ذهني لغرابته، وبدأ خيالي يصور شكلها كما يحلو لي، تخيلت أناسها وهم يمارسون طقوسهم من أعراس واحتفالات وغيرها ووعدت نفسي أن تسمية مذكراتي التي أعمل عليها عن عمان بمسمى حارة العور.