بقيت أنا هنا أخوض معاركي مع نفسي، وأحارب كل شيء، بحماقة دون كيخوت أصارع الطواحين العملاقة التي تدور في رأسي كل الوقت، أرشقها باللعنات وأصب عليها جام غضبي، وأنتظر كل يوم أن تطحنني أخيرا وأذهب إلى السماء دون رجعة، لكن هيهات، حتى هذه الأحلام الصغيرة تستحق الوأد قبل أن تولد، مثلي تماما .ومثل كل هؤلاء الصغار حولي.
إننا قد دخلنا في مرحلة زمنية تحول فيها الكون المترامي الأطراف إلى قرية صغيرة، ولكن للأسف تقاربت أقطابها وتنافرت قلوب ساكنيها، ولذلك باتت البشرية في أمس الحاجة لما يخرج من ضيق الدنيا إلى سعة دنياها واخرتها ولا یکون ذلك إلا الإصلاح الإسلامي، ولا یکون هذا الإصلاح إلا بإصلاح منطق أهله الفكري والدعوي.
ما أنتم بصدد قراءته هو صورة اجتماعية تاريخية جغرافية لحياة عاشها بطل هذه الصورة بين سلطنة عمان وأفريقيا ومجموعة من دول شبه الجزيرة العربية. وتدور أحداثها في الربع الثاني والثالث من القرن العشرين، في زمن كانت ترسمه جغرافية المكان بين سهول عمان وغابات أفريقيا وصحاري شبه الجزيرة العربية، كما تمسك بمقوده کیانات متصارعة ودول ناشئة، تستبدل ثوبا ألبسها إياه الاستعمار برداء لم يحكم نسيجه فبدت ألوانه مبعثرة.
ناجي، فاقد الأبوين اليتيم طفلا، الذي تتبناه أسرة بريطانية، يتمتع بذكاء حاد. يشجعه أبواه على الدراسة ثم ينهي دراسته الجامعية ليعمل في الصحافة ويشتهر بتحليلاته الصحافية. جمعت ناجي علاقة بمساعدته دافني ولنغتون، ذات العلاقات المتعددة مع آخرين. ورغم عدم رغبته بالارتباط بها، أصرت هي على ذلك. وإثر فصله من العمل، بسبب إدمانه على الكحول، يختفي ناجي من حياة دافني ويتركها بائسة ليتزوج بفتاة فاتنة يتركها لإدمانه ايضا. وأخيرا تتعرف دافني الى موسيقي افريقي مهاجر اسمه سيوم علوان احمد وتتزوجه، فيما تعرف ناجي بشابة حسناء كان على وشك الزواج منها لولا أحداث كثيرة منعته من ذلك وفرضت عليه الوحدة القاتلة!رواية تتعدد فيها الشخصيات وتتعدد العلاقات الغرامية وتتشابك الاحداث وتدور بشخصياتها حول العالم في آسيا وأوروبا وافريقيا، حيث تتناقض الحضارات وتلتقي وتفترق، وحيث الغنى المترف تكثر علاقاته وتكبر طموحاته فيدمن الكحول والحب والشهرة… ليقع من علٍ.
كتاب أدبي تاريخي، پرصد سياحة قصيرة إلى مسقط سنة ۱۳۲۰ ھ/ ۱۹۰۷ م، قام بها عبد المسيح بن فتح الله بن عبد المسيح بن حنا الأنطاكي الحلبي (۱۸۷۹م - ۱۹۳۳م) وهو صحافي، يوناني الأصل، سوري المولد، مصري الوفاق. وقد نشرها في جريدته المسماة (العمران)، و وثق فيها لقائه بالسلطان فيصل بن تركي، وبعض أعيان عمان، وضمن مقاله صورا مهمة. واستكمالا للفائدة جمع محرر هذا الكتاب مواد صحفية أخرى ذات علاقة بعمان مما كتبه الأنطاكي، منها قصائد ورسائل ونصوص لا تخلو من فوائد تاريخية.
حين رأَتْ مِيا عليّ بن خلف، كان قد مضى سنوات في لندن للدراسة وعاد بلا شهادة. لكنَّ رؤيتَه صَعَقَتْ مِيا في الحال. كان طويلًا لدرجة أنَّه لامسَ سَحابةً عَجْلى مرقتْ في السماء، ونحيلًا لدرجة أنَّ مِيا أرادت أن تسندَهُ من الريح التي حَمَلَت السحابة بعيدًا. كان نبيلًا. كان قدِّيسًا. لم يكن من هؤلاء البشر العاديِّين الذين يتعرَّقون وينامون ويشتمون. «أحلف لك يا ربِّي أنِّي لا أريد غيرَ رؤيته مرَّة أخرى». رواية من سلطنة عُمان تتناول تحوُّلات الماضي والحاضر، وتَجْمع، بلغةٍ رشيقةٍ، بين مآسي بشرٍ لا ينقصهم شيءٌ ومآسي آخرين ينقصُهُم كلُّ شيء. جوخة الحارثي كاتبة وأكاديميَّة من سلطنة عُمان. صدرت لها عن دار الآداب رواية «نارنجة» الفائزة بجائزة السلطان قابوس للرواية.
في أحد أيام الصيف، ظهر على مدخل القرية رجل بدوي يقود ناقة له من خطامها، كان حدثًا فريدًا أن يروا في قريتهم ناقةً، فلم يرها أحد من قبل، بل سمعوا عنها في أحاديث الكبار الذين سافروا خلف جبال القرية، انتشر الخبر مثل النار في الهشيم، خرج الجميع ليُشاهدوا تلك الدابةَ العظيمة، كان بعضهم مندهشا وبعض آخر مرتبكًا خائفا في قرارة نفسه، وقام بعض النساء بتلاوة الأدعية المأثورة والتعاويذ، وهنّ يمسكن بأطراف ألحفَتِهِنَّ قلقًا ودهشةً وريبةً، كان الأطفال الأشقياء يتبعونها مكوّنين حشدًا صغيرًا يتدافعون بالقرب منها، متوجسين مما سيحدث لو اقتربوا كثيرًا، كان البدوي يقود ناقته غير عابئ بما يحدث حوله حتى ربطها في جذع الغافة النابتة عند المجلس في وسط القرية، والتي أطلق عليها بعد ذلك غافةَ النّاقةِ.
بعد سنين كثيرة، وبينما أنا أفتح باب البيت خارجاً منه، سطعت الرائحة في المكان، اكتظت فيه، شعرت وكأن هناك من أحرق كثيراً من البخور حتى تكثف في الهواء، كانت هناك، تقف تحت السدرة وتنظر إليّ، فتاة في مثل عمري، تلبس ثوباً تقليدياً ملوناً، وضعت يدها على خصرها، واتكأت بالأخرى على السدرة، وهي تنظر إلي، والمكان يعبق بتلك الرائحة، ركضت داخلاً إلى البيت، لأخبر أمي بالقصة، سحبتها من يدها حتى ترى رفيقتي أخيراً ..
في البداية لم يكن في الحي سوى كلبة واحدة نادرا ما يسمعنباحها، إلى أن رأت كلباً مصادفة و أخذت تنبحو تهز ذيلها بشكل متواصل، أصبحا صديقين يشتركان في النباح، تجمعت كلاب كثيرة في الحي و شاركتهما في حفلاتهما الليلية المتواصلة، جاءت ليلة لم يسمع قاطنو الحي نباحاً ، تيقنوا أن في الأمر سوءاً!
هنالك في قرية “عفا” بولاية “قريات” بين أشجار النخيل وجريان وادي المسفاة والسدر على ضفافه، وحيث تقف شجرة السَّرحة قِبلة أهل المعروق وُلد عبدالله بن محمد، وسُمعت أول صيحاته طالبا الرحيل إلى نزوى، فلا وقت لديه لقضاء طفولته بين النخيل والزّاجرة. وقد نبغ منذ وقت مبكر، فقرّبه الإمام الخليلي وتربى وتعلم على يديه، ولما وجد فيه نضجا علميا وفكريا أوكل إليه مختلف الأعمال في الحصن، وأرسله في مهمّات تباينت في مشاقّها وخطورتها وأهميتها، ليكتسب إضافة لتبحّره في العلوم الشرعية بناءً عمليا وفكرا سياسيًّا بين يدي الإمام، فنصَّبه قاضيا على جعلان بني بو حسن ليستمر في سلك القضاء سنوات طويلة متنقلا في أكثر من اثنتي عشرة ولاية في مختلف المراحل الزمنية والسياسية في ظل تخت الأئمة وقيادة السلاطين.
لكن المهندس علي أصبح يمشي بتؤدة يثير الغبار تحت قدميه.. يخوض هذا الغبار وحده ، يجاهد كي لا يختنق ، يحاول رفع أنفه لتكون فوق مستوى الغبار، يستنشق ويزفر بسرعة خاطفة كي يخزن بعض الهواء النقي في رئتيه.. يتحدث بصوت مسموع لأشخاص يراهم وحده، يصنعهم في الأثير المحيط به لكي ينفث مخزون الحديث الذي لا ينفد أبدا، محاولا نفض الغبار المتكدس في عالمه الخفي. - غبار يا خي.. في عقولكم غبار. نعم مات.. وهذا الذي يتدحرج أمامنا ما هو الا جسد استعمره الغبار، وأنا لا أريد أن أموت مثله.. لا أريد..
("ولما كان للإنفاق مدائح عمي في التنزيل والحكمة حتى فاضا في ذكر الثواب الجزيل لمن اتصف بهذه الصفة استحق المتصف بها التخليد والإطراء بين الخاصة والعامة، ليكون شاحا لهمم الراغبين، مذكرا من كانت يده مغلولة إلى عنقه يفيق من نومته وقد كانت شخصيتنا التي سنتحدث عنها جامعة بكل جدارة وقت. بين أمرين: الصناعة والإنفاق فكان كتابنا هذا بعنوان سيف بن شامس السيفي صناعة وإنفاق"). أبو محبوب السيفي