ادركت لبنا دم فلا بد ينضام.. مهما يعدد من صفات الرجولة.. يعني جميع الخلق تتجرع الام.. محدن من الايام تسلم ذلوله.. والناس طرقيه (الشارع العام).. والموت ياخذهم قبل يشروله.. وانا اذا بفضي شعوري بالاقلام.. شاعر ومن حقي شعوري اقوله
"في كل لحظة، وبغية أن نبقى أحياء، يتحتم على خلايانا أن تعرقل على نحو متواصل، بل متصاعد، شيئاً يريد أن يموت. على الرف العلوي من خزانتي، وتحت زوجين من الجوارب الطويلة، تقبع كينونات مفزعة في صندوق بلاستيكي مهترئ. خلايا تكاثرية مدمرة لمريض يدعى آدم. مشهد تراجيدي مجمد على قطعة زجاجية رقيقة حادة الحواف. على مدى السنوات الماضية، ولغاية لا أعلمها، كنت لا أزال احتفظ بعينة آدم المشؤومة، إرثه الوحيد. إذا كان ثمة شيء آخر يمكن أن تقدمه إلينا تلك الكائنات القذرة غير المعاناة المروّعة والبؤس الإنساني، فهو التعريف الواضح للحياة عندما لا تكون هي الأصل، بل الموت".
كان عمري خمس سنوات ونصف عندما نقلنا أبي في سيارة لاندروفر كبيرة مستأجرة من نطيد في وادي بني عمر إلى الردة. واليوم بعد نحو أربعين سنة أستطيع أن أزعم أنني كنت أحد شهود العيان على التحولات البعيدة لهذه القرية التي أضحت الآن مدينة شاسعة تشمخ بأنفها في الهواء، وتوزع نظراتها المتعالية والحنون على البشر، كل حسب انطباعها الأول عنه تغمز بعينيها في خفر كأميرة خارجة لتوها من حكاية أسطورية مغوية الناس، وجاذبة الشجر والحجر وملهمة الشعراء والأدباء، شرط ألا يكونوا من عشاق "طلایع صحم".
أنا لا أتمنى غير يد / يد جريحة ، لو أمكن ذلك " قرأ بمرارة هذه الأبيات من نص للشاعر الغرناطي لوركا ، فكل ما كان يعوزه يد .. يد واحدة تعوّضه عن التي طارت في حادث سيارة ... لا يعي ماذا جرى .. ؟! كل ما لملمته شتات ذاكرته المتخبطة في تلك الليلة .. يد اقتلعت من جذورها لتطير بانفعال إلى الجهة الأخرى من الشارع ، كل ما يذكره هي أن تلك اليد عينها لم تكتف بالطيران، بل حين ارتطمت أرضا دهستها بقسوة مميتة عجلات سيارة لا مبالية .. غاب عن الوعي كما غابت يده إلى أشلاء متعفنة..!
صدر لعلي الهاشمي مجموعة شعرية بعنوان "كان ظلا وارفا". اعتمد على نظام المقاطع المرقّمة، فلم تحمل المقاطع الشعرية المتوزعة بين القصيدة العمودية وقصائد التفعيلة وبعض مقاطع نثرية لم تحمل عناوين داخلية، إلا أن الخيط الناظم لها هو حضور الذات في عموم الخطاب، وطغيان عاطفة الحب: "إني أحبك، لا أطيق تكتّمًا، والسر تفضحه لك العينان، ولهان يا أنسي، ولست بتائب، الله يعلم ما أرى وأعاني".
يسعى هذا الكتاب إلى تقديم تصور أولي وبالخطوط العريضة عن بعض جوانب ما اصطلح عليه بــ"المشكلات العقلية الكبرى"، وهي مسائل المعرفة والنفس والألوهية (مع ما في التعبير من تسامح) والطبيعة، فيعرض للآراء التي توصلت إليها الحضارات الفلسفية البشرية في مختلف مراحلها حول كل واحدة من القضايا تلك، إبتداءً بالعهد الإغريقي الأول، ومروراً بالحضارة الإسكندرانية وآراء الفلاسفة الأوروبيين، وإنتهاءً بتحقيقات الفلاسفة المسلمين لا سيما الفيلسوف "صدر المتألهين محمد بن إبراهيم الشيرازي"، آخر مجدّدي الفلسفة الإسلامية والرجل الذي تدين له هذه الفلسفة بالشيء الكثير لما حقق لها من إنجازات لم يكن لأحد قدم السبق إليها. إن المؤلف بعرضه هذا للقضايا المذكورة يقدم للقارئ عرضاً متكاملاً لكيفية تناول العقل الإنساني لكل من القضايا تلك، وهو إذ يتتبع السياقات الفكرية المختلفة ويستخلص منها وجهات النظر حول قضايا مشخصة، إنما يساهم في تكوين رؤية تاريخية متكاملة للحراك الفكري عند بني البشر، وهو جهد كبير يشكر الباحث على بذله.
هذا ليس كتابا عن الدراجة الهوائية، رغم أنها الثيمة العامة المتجلّية في العنوان والبارزة فيما بعده، ويا للمفارقة! انطلق حمود حمد الشكيلي بالدراجة الهوائية كمدخل مهم للحرية أولا وللحب دائما، فنقرأه متأمّلًا للاثنين معا، ساكبًا روحه فيهما، وممارسا لطقوسهما معًا. لا تشكّلُ الدراجة الهوائية وسيلة مواصلات متاحة من مئات من مئات السنين للطبقة الكادحة فحسب، وإن كان من الممكن النظر إليها بهذه الخلفيّة، وهذا ما لا يطمح إليه الكتاب في عمقه، بل إنها وسيلة حرية في زمن تضيق فيه الحرية الفردانية للأشخاص والجمعية للأمم، حيث عززت الأوبئة من العزلة القاسية كسجن قسري؛ عوضا عن مشروع الحرية الكبرى للإنسان وخلاصه من قيود تحدّ من حركته الجسدية والروحية والفكريّة، كأنما خلاص الإنسانية كلها بدا مرهونًا على عجلتين. يعبُر كتاب الدراجة الهوائية للشكيلي بقرائه في المزيج الفريد إلى الأنواع الأدبية والكتابية المتعددة، فنجده باحثًا تاريخيًا في أصل الأفكار، ومدونًا نصوصًا وقصصًا، ومستكشفًا حالاتٍ ويومياتٍ حميمة، ومتأمّلًا أشعارًا مُعبّرة، وحالمًا مُتخيلًا لما هو أبعد من الواقع، عائدًا بنا إلى ما يدغدغ الطفولة في مشاهد يتآلف معها القارئ، وتستثير حنينًا كثيرًا ما راوده فيها.
يستعرض الكتاب مقالات أربعة كتاب عمانيين في مجلة „صوت البحرين” الشهرية التي صدرت في الأعوام 1951 - 1954، ويُسلّط الضوء على مضامينها في مجالات الفكر والأدب والنقد الأدبي وأدب الرحلات؛ ليظهر ما كان عليه هؤلاء الكتابُ مِنْ وعي متقدّم وثقافة متنوعة. والكُتّابُ هم: عبد الله الطّائي، محمد أمين عبد الله، أحمد محمد الجمالي، وحسين حيدر درويش.
الطريق سيحدثك ستشعر بروحه وهو يهمس في أذنيك عن نفسك ورغباتك وأحلامك .. سيذكرك حتما بطفولتك ... يدفعك دفعا للتفكير .. ستلامس روحك المكان وتشعر حتما أنك تنتمي إليه أو أنت امتداد له .. نسماته المحملة بعبق الحنين المرافقة لمجرى الوادي تأخذك بعيدا وكأن أر
"كطائر يحلم بالمطر" مجموعة شعرية للشاعر يونس البوسعيدي، احتوت على أفقين شعريين رئيسين أضغاث أنا قوامه قصيدة العمود والتفعيلة والأفق الآخر بئر الدهشة قوامه قصيدة النثر، تفرع منهما عناوين عالية الشعرية بما استحضرته من صور مدهشة، ودلالات عميقة اتخذت من الثنائية والمفارقة أداة للدهشة مثل الأكمه الرائي، لقطة سينمائية لظل، لغة عمياء، كيف أشكر الحجر. يكتب في نص قالت الغافة: "قالت الغافة، أعيدوني بذرة في مهب الريح، لأتحرر كالطير الذي على هامتي".
أيها العابرون على كلماتي، أتمنى أنكم وجدتم فيها الحب، والخير، والأمل، والسعادة، ومنحتكم الحكمة. وعذرا إذا أحزنتكم بعض حروفها، فقد اقتبستها من واقع الحياة، وكتبتها بصدق مشاعري، فهكذا هو طبع الحياة متقلب لا يقف على وتيرة واحدة. الناشر
بعض الكتب لا يُكتب بحبر القلم فحسب، ولا بنقرة لوحة المفاتيح، وإنما بدم القلب مباشرة وأزعم أنَّ «كلنا مريم» واحد من هٰذه الكتب التي لا يمكن لقارئها أن يظل هو نفسه بعد الانتهاء من الصفحة الأخيرة. وللوقوف على أهمية هٰذا الكتاب سأستعيد ما كتبه غسان كنفاني قبل أكثر من ستيِّن عاما وهو يكابد آلام المرض، حين توصَّل إلى أنَّ عصر المشاركة يكاد يكون معدوما بين الناس «إنَّهم يحسُّون أنك تتألم، ولٰكنهم لا يعرفون كم تتألم، وليسوا على استعداد أبدًا لأن ينسوا سعادتهم الخاصة من أجل أن يشاركوا الألم، وعلى هٰذا فعلينا أن نتألم بيننا وبين أنفسنا، وأن نواجه الموت كما يواجه واحد من الناس الآخرين نكتة يومية». حين كان محمد المرجبي يعيش يوميات مرض ابنته وذبولها على مدار سنوات، كنا -نحن أصدقاءه وزملاءه- نحس أنه يتألم، ولكن لا نعرف مدى هٰذا الألم، وهنا تكمن فرادة هٰذا الكتاب الذي يلتهمك بالتدريج؛ إذ يخيل إليك في صفحاته الأولى أنك ستقرأ فقط حكاية معاناة فتاة وأهلها مع مرض عُضال، والمحاولات المحمومة لمقارعة هٰذا المرض ومهادنة الحياة، وهٰذا ما يحدث بالفعل، لٰكنَّك ما تلبث حين تتوغل في القراءة أن تكتشف أنك لم تعد مجرد قارئ عن الألم والمعاناة وإنما تعيشها بكامل وجدانك وأحاسيسك، وأنَّك بت فردا من هٰذه العائلة المتكاتفة التي قررت التخلي عن كل مشاغل الحياة والتفرغ لمحاربة هٰذا المرض، وتهيئة كل الظروف المواتية لمريم لتشعر وهي في رحلة العلاج المضنية التي امتدت شهورًا أنها لم تغادر وطنها الأم، وما زالت بين أهلها وناسها الذين يتنقلون معها من عُمان إلى الهند ثم تايلند، والبحرين، دون كلل أو ملل، يحتفلون معها بالعيد، ويعدون لها الوجبات التي تحبُّ، بل ويفاجئونها أحيانًا بزيارات صديقاتها الحميمات. استغرقت «يوميات المرض والذبول» هٰذه سنوات عديدة، وحضرت عُمان فيها في خلفية المشهد، من رحيل السلطان قابوس -رحمه الله- في العاشر من يناير 2020م، إلى جائحة كورونا التي اجتاحت العالم في العام نفسه، إلى الاحتفال بالعيد الوطني الثامن والأربعين، إلى بداية العام الدراسي، وغيرها من تفاصيل البلاد الكبيرة والصغيرة التي وضعت القارئ في الإطار الزمكاني للأحداث. ليس هٰذا الكتاب الأول لمحمد المرجبي، وأغلب الظن أنه لن يكون الأخير، لٰكن يحلو لي دائما أن أسمِّيه «كتاب العمر» ليس فقط لموضوعه الإنساني المؤثر، ولا لأنه يحوِّل قارئه من مجرد متفرج على الألم إلى مشارك منغمس فيه، ولٰكن أيضًا لأنه كتب بحرارة وصدق. سليمان المعمري