عندما نتحدث عن "اللاوجود" فإننا نتحدث عن كيان في النص الشعري؛ يأخذ حيز الممكنات من جهة علاقات الإرجاع، ومن جهة اعتباره "جوهرا" في مواجهة الذات؛ لا يمكن لها أن تحدد سماته دون أن تتخذ الذات سلبيتها لتفسح المجال لإمكانه؛ وهو أمر يفتح العلائق أمام عالم المعنى في مواجهة عالم الأشياء؛ لذا فإن الدراسة حاولت استشفاف هذا الجانب في التجربة الشعرية وقدمت مقاربة تأويلية في سبيلها دون أن تدعي لنفسها التفرد أو النهائية؛ فـ"التجربة الشعرية" نوع من التجاوز العالم الشاهد إلى الغائب، والموت فيها هو استدعاء لموجودات العالم الميتافيزيقي في تبديها المادي، ولكن المعنى لا ينكشف بهذا التبدي إلا بتجاوز الذات، وتوسلها باللسان، وكأن الذات الشاعرة في حالة من حالات الإلهام الصوفي المتحد بروح الأشياء.
يا من تدفعك أيدي الدوافع، وتهمس في أذنك أفواه البواعث؛ قبل أن تلحد: هل قهرك استبداد السياسيين الفاسدين؟! هل قسى عليك متحدث من المتحدثين في شأن من شؤون الدين؟! هل بعثر ذاتك ظلم الأسرة وجور الأقربين؟! هل حز نياط قلبك تعسف المجتمع ونزق المغرورين المتكبرين؟! هل وقف حجر عثرة في طريق رغابك البريئة، وأشواقك الطاهرة، وتطلعاتك السامية بعض الأهوائيين المتعصبين المتحجرين؟! هون عليك؛فنحن معك، نتفهم ظلامتك، نشاطرك بث فؤادك، نشاركك لواعج روحك، نتألم لأنين أحاسيسك، ولكن عليك أن تتذكر: أن لا صلة ولا قربى بين الله وهؤلاء وإن نادموا الآيات والأذكار وجعلوا لباس الأنبياء لهم الشعار، فما عليك إلا أن تكفر بهؤلاء وتؤمن بالله الكبير المتعال.
يندرج هذا الكتاب في دائرة التوثيق والتأصيل، وهما مبحثان أصيلان في البحث العلمي يقعان في صلبه وصميمه، ولقد جبلت عليهما الثقافة العربية منذ العصور الأولى المتقدمة فيما عرف ب «المدونات» و «الكواشف» وقدمت نماذج منها لمساعدة الباحثين والمهتمين في ما يرنون إليه من تحليل معمق ووقوف على الظواهر والاتجاهات؛ بغية نقدها ومقاربتها وتقديمها منهجيا وفق آلية التأثير والتأثر التي نظر لها كثير من الأدبيات الاجتماعية والأدبية. وكان هم معده إخراج نتاج هاتين الشخصيتين بغض النظر عن مستوى خطابهما وعلاقته بالسياقات الزمنية المعيشة، بعد أن ظل غارقا في أتون التغييب ينال منه الزمان بالنسيان والتجاهل.
إن أي دولة عصرية لا يتأتى لها أن تنهض بمعزل عن احتضان مؤسسات ريادية، عاهدت نفسها على الاضطلاع بدور يتواءم وحجم أهدافها الطموحة، ليتمخض عن منجزات تصنع فارقا عظيما، ومن هنا يأتي «منجزون في عصر النهضة» في إصداره الأول 2020م -باللغتين العربية والإنجليزية- حيث يستعرض منجزات شريحة من المؤسسات الحكومية والخاصة الرائدة في السلطنة. وبالإضافة إلى كون «منجزون في عصر النهضة» الأول من نوعه محتوى وإخراجا. فهو مصدر يتسم بمستوى عال من الشفافية والمصداقية. ويأتي إصداره الأول تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الخمسين المجيد.
إن تحول الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض، والتسابق المحموم لنيل السلطة أدي بالأمة إلى مزلق خطير. فقد انتشرت الجبرية السياسية بين الناس، وعم الاستبداد والظلم وكان لابد من قمع واسكات كل صاحب صوت حق فتحركت الآلة الإعلامية لشرعنة العنف والقتل بحجة الانصياع لولي الأمر وعدم شق عصا الطاعة!! هذا الكتاب يستعرض رحلة تاريخية لأهم الاغتيالات الدموية التي شهدها التاريخ الإسلامي. المؤلف
في هذه المدارسة؛ التي رتبت لها المكتبة الإباضية بمكتبة الندوة العامة ببهلا، ضمن مشروع «حوار مع علم»، نسبر المنهج الذي سارت عليه المدرسة الإباضية في التعامل مع الحديث النبوي، وهذا موضوع ملح في هذه الفترة، وذلك لأنه يأتي تتويجاً معرفياً في عصر الانفتاح لما انطلق منذ زمن المؤسسين للمدرسة كجابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة والربيع بن حبيب، مرورا -مشرقا ومغربا- بالعديد من المحطات الروائية والأصولية التي تركت بصماتها على هذا المنهج.
في عتمة ذلك الليل المرير کمرارة العدم أفقت في الربع الأخير من الليل، وجلست حائرا أمام موقد النار وبدأت أنبش جمراته الموغلة في الرماد، عساني أجد واحدة تضيئ لي أطراف هذا المكان المظلم، فالكل نائمون، بينما النوم لم يعد يجد طريقه إلى عيني أمام الظروف التي تواجهني صباح مساء، لقد عافت نفسي الراحة منذ أعوام، فالديون تتراكم وتجار المدينة يطالبون بحقوقهم، والمواشي تنفق من توالي السنوات العجاف، والخريف لم تعد تمطر سحائبه طوال ثلاث سنوات، فجفت عيون المياه وزادت الصراعات بين الناس على الماء والكلاء، والثوار بدأوا يخوضون نضالهم في الجنوب، فبدت لي الأرض شاحبة تفوح منها رائحة الموت.