المخزون الفقهي يعتبر ينبوعاً مـعـرفيا متدفقا ومصدرا مهما يرفد التأريخ لعموم لمجتمعات الإسلامية، ويجد الباحث في هذا المخزون وثيقة حقيقية تمكنه من استكشاف جملة من الأوضاع والعلاقـات الـتاريخية، وي مقدمتها العلاقات المجتمعية وأنماط الحيـاة الـمعتمدة، وبات هذا المصدر بمخزونه الضخم بمثابة رأسمال معرف يساعدنا على فهم هذه التجربة على نحو يكاد يلامس الواقـع بعيدا عن الإضافة أو الحذف أو الاستبعاد التي يعرفها جيدا كل مشتغل بعلم التاريخ على وجه الخصوص. في هذا الكتاب تجد الباحثين تعمقا في قراءة المخزون الفقهي العماني لسبر أثر هذا الفقه 2 السلوك المجتمعي وكان تركيزهم على التسامح كنموذج مورس قديما وأبقى أثره حاضرا، ولم يغفلا عن ضرب أمثلة متعددة أخرى.
إن البحوث التي يضمها هذا الكتاب، تتناول بشيء من التفصيل والتمحيص تاريخ المكان والإنسان، في المدينتين العريقتين؛ والعوامل الحضارية المشتركة والممتدة التي جمعتهما مدينتي صُور؛ حاضرة الفينيقيين أو الكنعانيين، يجمع المدينتين الامتداد الحضاري المشترك والعوامل الناتجة والمساهمة في ذلك الترسيخ الزمني. صور التي جمعت؛ البحر والجمال والفن وبسالة سكانها ضد الطامعين، على مسار التاريخ؛ جمعتنا من جديد بدلالة إنسانية وثقافية نتمنى أن تستمر وتبعث كما بعثت أسطورة طائر الفينيق من الأرض، لذا تيمنا بذلك الطائر الأسطوري الذي أكثر من ارتبط باسمه هم الفينيقيون؛ ذلك الطائر التي تحيل أسطورته ومعانيها؛ على حث الإنسان على التقدم والنهوض والخروج من رماد الحريق والعثرات التي تمر ومرت بالحضارات الإنسانية المختلفة.
حاولت في هذا العمل البحث في خطابات السلطان عن العبارات الفارقة الكثيفة المعاني والمكتنزة بالدلالات التي تمثل خارطة طريق، ومنهج عمل، ومبدأ حياة، وحكما خالدة. ثم قمت بفرز تلك المقولات، وتصنيفها في عناوين، لكي يسهل للقراء والباحثين اكتشاف المبادئ والأسس الفكرية التي أقام عليها السلطان قابوس النهضة العمانية الحديثة.
قدم كورونا رسالة قوية إلى البشرية بأنها ليست في منأى عن المخاطر والكوارث مهما بلغت من علم ومعرفة وتقدم، ووضع العالم أمام تحديات واختبارات يجب الاستفادة منها في مواصلة الأبحاث والتقدم العلمي، والاهتمام بصحة الإنسان وتمويل المختبرات والمراكز العلمية التي تعنى بدراسة الأوبئة، بدلا من ضخ تريليونات الدولارات على مصانع ومختبرات الأسلحة التي تفتك بالبشر.
عندما حملت السلاح، صار الصمت والتخفي طريقة حياة، وعندما أصبحتُ موظفاً ثم مسؤولاً حكومياً أصبح الكتمان طريقاً لبلوغ الغايات،وبات إصدار الأوامر والتعليمات شفاهيا فلسفة في الإدارة تعلمتها من معالي الدكتور؛ أبينا الذي في كابينة القيادة، عرّاب الصفقات الكبرى العابرة للمحيطات، وأنا مدين لهذا الأب العظيم بالكثير. لكنني اليوم، وقد عبرت محطات كثيرة في دروب الحياة، أجدني أتخلى عن خوفي من الكلمات المكتوبة، لأنفض الغبار عن ذكريات وأحداث لم أرغب يوماً في استعادتها وإعادتها إلى الحياة.
سعدتُ كثيرا بإقبال الشّباب على الطّبعة الأولى، والّتي سارعت على النّفاد، رغم بساطتها، وقد جاوزت المجتمع العمانيّ إلى الوطن العربيّ، بل وبعض شباب المهجر، فأعطاني شيئا من الأمل من وجود خيط أفقيّ واسع في تجاوز مرحلة التّطرف إلى مرحلة التّعايش والبناء، كما سرني العديد من القراءات ومنها نقديّة على الكتاب، وبما أنّ العديد من الجوانب جدّت في المجتمع العربيّ والإنسانيّ عموما، والعديد من الجدليات المتعلّقة بالتّطرف طُرِحَت وكتبتُ حولها في مناسبات وصحف مختلفة؛ ارتأيتُ أن أضيفها إلى الكتاب في هذه الطّبعة، والكتاب عبارة عن مقالات وقراءات وانطباعات لعلّها تساهم ولو بصورة بسيطة في رفع التّطرف، والانتقال إلى الإحياء والبناء تحت ظلّ التّعارف والتّعايش والتّسامح والمحبّة بين البشر جميعا.
قيمة الرّحمة قيمة ماهيّة مضافة، ارتباطها لاهوتيّا تجسّد للمثل الأعلى في ماهيّة الوجود ذاته على أسس الرّحمة، والإنسان جزء من هذا الوجود لا ينفصل عن التّماهي مع قيمه وسننه، فارتباط الرّحمة معه تماهي مع وجوديّته مع هذا الكون والوجود ذاته، وهذه الرّؤية الوجوديّة نفهم بها كيف نقرأ التّأريخ من جهة، والأحكام الإجرائيّة بما فيها أحكام الشّرائع في الأديان من جهة ثانية، فلا يمكن قراءة الاثنين بعيدا عن القيم الماهيّة، وإن ارتبطت بالهويّات فهو ارتباط إجرائيّ ظرفيّ لتنظيم الحياة في ظرفيّة ما، إلا أنّ هذا التّنظيم يتغير إجرائيّا في صور مختلفة وتبقى الرّوح واحدة بين البشر جميعا.
يسلط الكتاب الضوء على فترة مهمة من تاريخ سلطنة عمان الحديث خلال الفترة 1649-1711م. حيث يتناول فيها تحرير عمان من السيطرة البرتغالية، وبناء الدولة اليعربية وتنظيمها الإداري والمالي وعلاقاتها الإقليمية ومع الدول الأوروبية المتواجدة في منطقة المحيط الهندي. يتألف الكتاب من مقدمة وثلاثة فصول. تناولت المقدمة قيام الدولة اليعربية وجهود الإمام ناصر بن مرشد في توحيد البلاد ومواجهة البرتغاليين. حيث يتناول الفصل الأول الأوضاع الداخلية في عمان في أعقاب توحيد البلاد. وأثر طرد البرتغاليين على الأوضاع في منطقة الخليج العربي. أما الفصل الثاني فيتناول النظم الإدارية والمالية للدولة كالزكاة والضرائب والأوقاف والاستحكامات الحربية للدولة، ونشوء وتنظيم البحرية العمانية. ويتطرق الفصل الثالث إلى مرحلة الصراع العماني-البرتغالي، والعلاقات العمانية الأوربية التي تأرجحت بين الصراع والتعاون، والعوامل التي تحكمت في ذلك.
تسعـى الدارسـة للوقـوف على الطريقة التـي تعامل بها كتاب "مصرع الإلحاد" مع ظاهرة الإلحاد، ونقض أفكارها المستشرية بين فئات مجتمعية مختلفة، انطلاقا من توظيفه أسلوب الاستفهام الذي يعد من أقوى الأفعال اللغوية حجاجا، وأكثرها تأثيرا في المتلقي، معتمدة على نظرية تداولية حديثة تمكّن من الوقوف على معاني الاستفهام الضمنية ومدى إسهامها في التأثير في المتلقي، فضلا على قراءة كتاب" مصرع الإلحاد" قراءة لسانية، وتحليل كلام سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي على طريقة الحجاجيين، لاسيما في ترتيب الحجج في السلم الحجاجي وفق الطريقة التي ترتضيها نظرية الحجاج اللغوي.وذكر سماحة الشيخ- في إحدى مراسلاته- تعليقا على الدراسة، فقال: "أجدني غير قادر على إخفاء مشاعري وأحاسيسي اتجاهك، واعتزازي بطلعتك المباركة، ووثبتك العلمية التي تجلّت في رسالتك العلميّة: حِجَاجيّة الاستفهام في كتاب مصرع الإلحاد..".
بعد هذا التطواف بين معالم إيران الجمهورية الحديثة، وآثار الحضارة الفارسية التليدة؛ لا أملك إلا أن أحث القاريء الذي يملك زادا وراحلة أن يشق الطريق خارج وطنه، سائحا أو طالبا للعلم أو جوالا، حتى يجمع خيوط المعرفة، وتصقله التجربة، ويكتسب مهارات شتى، ليكون جسرا حضاريا بين حضارة موطنه الأصلي وحضارات الدنيا المتباينة؛ فلكل بلد نكهة خاصة، وعاداته وتقاليده الحضارية التي لا تشبه حضارة أخرى؛ وإن كنا جميعا نعود إلى آدم - عليه السلام - إلا أن الله جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف ونتعاون، مع احتفاظنا بسمات وملامح خاصة لكل ثقافة. وأختتم بقول الرحالة ابن بطوطة اللواتي: «إنه السفر؛ يتركك صامتا، ثم يحولك إلى قصاص»، وهذا ما حدث معي، ففي الكتاب الذي بين أيديكم مجموعة من القصص. كما أستعين بقول المؤلفة الأمريكية إسبانية الأب وألمانية الأم، والمولودة في فرنسا أناييس نن: «نحن نسافر، ويستمر سفر بعضنا للأبد للبحث عن أماكن أخرى وحياة أخرى وأرواح أخرى»، وهأنذا مازلت أبحث وأخطط لرحلة جديدة، وأردد مع المستكشف والمترجم الإنجليزي السيد ريتشارد بيرتون: أسعد لحظة في حياة الإنسان، حسب اعتقادي، عندما يرحل إلى أراض لا يعرفها.
قوة بعض النظريات والمفاهيم والأفكار المتوحشة، في قدرتها على تحريك الجيوش إلى حيث تقود النظرية ومفاهيمها، فعبر التاريخ، لم تسوغ الحروب ولم تقد الشعوب إلا بواسطة نظريات قولبت في إطار إنشائي ساحر، وبمفاهيم مزدوجة مخادعة، فقد تكون النظرية غبية أو ساذجة أو غير ذات جدوى، لو وضعت على محك مختبر التفكير والمساءلة، أو تحت ضوء الواقع، أو في دائرة الرؤية المستقبلية، لكن بسبب التسويغات اللغوية المخادعة من عباد تلك النظريات، استطاعوا خداع الشعوب عبر التاريخ فالنازية، والفاشية والشيوعية، والماركسية والرأسمالية، والثورة الفرنسية وكل الأيديولوجيات والتصورات السابقة والحالية قائمة على مفاهيم ومصطلحات براقة تعبث بأحلام الجمهور وعواطفه، وتسوقه إلى حيث حتفه من دون أن يستنكر أو ينتفض أو يرف له جفن. والحرب كانت القاسم المشترك والنتيجة النهائية بين تلك الإيديولوجيات والنظريات.