ما مدى شرعية دراسة المعطيات المنهجية لأصول الفقه في ضوء المدارس اللسانية الحديثة كالسيميائيات والتداوليات والفلسفة التحليلية والظاهريات؟ هل يمكن أن نجد داخل المدارس الأصولية في تراثنا ما يفتح لنا باب البحث، وإعادة الدرس لأدلة الشريعة بمناهج حديثة تكون عُدة منهجية لاستثمار النص وإعادة فهمه واستنطاقه؟
“والعقل الأداتي بذلك لا يختلف عن العقل الأسطوري القديم، فالمعطى السابق الخرافي الذي جعل القدماء يفسرون الظواهر بأنها أفعال الكائنات الخارقة؛ هو نفسه تقريبا لدى العقل الأداتي، ولكن بدل الثقة في الإله الغيبي؛ تصبح الثقة في العلم والتقنية والدولة. العقلان الأسطوري والأداتي كثيرا المصادرات، فهما يبنيان مصادراتهما من إرادة التوحيد للمتغيرات والأشياء حول مركز. مصادرات على شكل: الغاية أهم من الطريق، حل المشكلة أهم من مضمونها، الماهية قبل الوجود، الذات أولا ثم اللغة. جميع المصادرات السابقة لو عادت إلى مسارها الجدلي؛ فسوف تنتج تصوّرات عن الواقع أكثر نضجا، ومجتمعا أكثر حيوية. ولكن المركز دائما يشد نحوه ويرفض الهوامش.”
ترتكز الدراسة الصادرة عن دار عرب على التحليل السيميائي للخطاب السردي في رسالة الحيوانات، وهي الحكاية الخرافية الواردة في الرسالة الثامنة: من الجسمانيات الطبيعيات (وهي الرسالة الثانية والعشرون من رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء)، حيث عَدَلَ إخوان الصفاء عن الأسلوب العلمي الذي اعتادوه في سائر رسائلهم إلى الأسلوب القصصي في تمرير أفكارهم الفلسفية ورؤاهم ومعتقداهم الفكرية من خلال قصة فنتازية فلسفية تدور حول شكوى تقدمت بها الحيوانات ضد بني آدم وظلمهم لها وتعدّيهم عليها أمام ملك الجان بيوراسب الحكيم ملك جزيرة صاعون.
الكتاب يشمل مجموعة بحوث ومقالات، تضم رؤية العدوي خلال عقد من الزمن، ما بين عامي 2007 و2017م، طور خلالها فهمه للعلاقة بين السياسة والدين، ويحتوي الكتاب على ثلاثة أبواب رئيسة، كلها تعالج موضوع السياسة والدين والعلاقة بينهما، على مستوى بناء الحدث وتشكيل العقل وتشكله.
يستعرض المؤلّف مراحل تطوّر الغناء تاريخياً، بدءاً بالعصور القديمة ومروراً بالعصر النبوي، ووصولاً إلى العصر الحديث، وخاصة في العالم العربي، ويأخذ بالاعتبار بروز الآلات بمختلف أشكالها منذ الحضارات البابلية والآشورية، وأنواع التطريب والإنشاد قبل الدعوة الإسلامية وبعدها، مضيئاً على تعلّق أهل المدينة بالطرب ورعاية السلطة منذ العصر الأموي لصناعة الأغاني ما شكّل نهضة موسيقية.
يقدم الكتاب رؤية تكاملية، في الجانب التأملي والنظري ويشمل بحث التسامح الفقهي في السلطنة عمان، وبحث الثقافة العربية والحراك المجتمع، مع التركيز على الجوانب المشتركة، وسبل تحقيق النهضة التعايشية، وسيقدم الكتاب مذكرات لتحقيق التعايش ومعرفة الأخر، مع بعض المراجعات والتأملات.
“يمر العالم العربي خصوصًا والإسلامي عمومًا بحالة ازدواجية بين خطاب مثاليّ يسمعه، وواقع سيءٍ يعيشه، من هنا كانت العديد من الوقفات والمراجعات في داخل المنظومة الفكرية ذاتها؛ لأن إصلاح البيت من الداخل أولى من التلميع وإظهار الصورة المشرقة من الخارج، بينما الأول يعاني من علل لا بد أن نقف عندها أولًا. ومن هذه العلل علة التطرف والإرهاب التي حاول البعض جعلها لصيقة بالإسلام، بينما حاول تبرئة الأمم الأخرى منها ولو حدث عندهم أشد وأطغى مما يحدث بيننا، ومن داخل نصوصهم!! وفي القسم الأول الذي يعنى بماهية التطرف، قال: “التطرّف يعتبره العديد من الناقدين بأنه نسبي، فما تعتبره أنت تطرفًا قد يعتبره الآخرون وسطًا وحقًا مشروعًا، فيحدث التضارب في فهمه وإسقاطه.”
"لقد حان الوقت للالتفات إلى ذلك الجانب الأرضي المُقصى من التفكير، والمطرود من خانة الاهتمامات الجمعية بوصفه ينتمي لكل ما هو يومي وعابر وزائل ولزج، وأن يُترك قليلًا وكثيرًا أيضًا هذا التعلق بالماورائيات، والتمسك بالقضايا النظرية الكبرى والكلية، التي في الكثير من الأحيان ولدت صراعات لا يمكن للكثير من الأطراف حسمها أو تفنيدها تفنيدًا واضحًا ومعقولًا. لذلك يأتي التركيز هنا على الاقتصاد، ليس بالمعنى المحاسباتي التقليدي، بل المعنى الفلسفي الواسع للكلمة، من حيث إن الاقتصاد لا يقتصر على الجانب الفردي الضيق (منزل، فرد، محل تجاري)، بل يمتد لتلك العلاقات الواسعة بين الأشخاص والأيديولوجيات الأخرى. كما يمتد أيضًا لتلك العلاقات المعقدة بين الدول والشعوب في الكثير من الأحيان، وطريقة تشكيل الكثير من الرؤى الوجودية بناءً على هذا الجانب. إن الاهتمام بهذا الجانب يعني فهم الكثير من الأمور والقضايا (الانتصارات والهزائم، النكوص والتقدم) من جانب آخر ومن زوايا مختلفة، وربط الكثير مما يحدث حولنا بالأرض، بالإنسان، وبالاستراتيجيات التي لا تظهر للجميع، وبتلك التحالفات الخفية التي سيتم التفكير فيها لاحقًا. يضعنا هذا الجانب أمام الكثير من المفاهيم، واعتبارها تنتمي لهذا الجانب الأرضي من التفكير، وليست مرتبطة بالمواقف الميتافيزيقية التي تتسم في الكثير من الأحيان بالضبابية وعدم الوضوح، وبعدم إمكانية التحقق والتفنيد."
في هذه المدرسة الحوارية مع فضيلة الشيخ أحمد بن سعود السيابي أطرق باب التصوف الإباضي، مستجليا . بكونه أحد مفكري عمان وفقهائها - رأيه حول ذلك، متتبعًا معه نشاة التصوف في عمان، كيف ابتدأ؟ وما ظروف نشأته؟ وهل المجتمع العماني لا يزال بحاجة إليه؟ طارقا من خلال هذه المدرسة أهم رموز الإباضية في عمان، وهل كان يشكل مدرسة فيها؟ وما مدى التزامه بالمصطلحات الصوفية، وولوجه طرقها، وتعانقه مع شطحاتها، وقبل ذلك هل تأثر التصوف العماني بالخرافة والأسطورة؟ كل هذا طرقته مع السيابي، راجيا أن أقدم رؤيته بما يكشف صفحة من صفحات التفكير العماني، كانت ولا تزال إلى حد كبير معمّاة عنا.
في هذا الكتاب تتضح ثلاثة أقانيم قبع أتابعها عليها دون النظر فيها بمنظار النقد والمراجعة، ولعلها قدمت بعض العطاء المرجو في أزمنتها وأوقاتها، بيد أنها وصلت عند من يتحسس من النقد إلى درجة المقدس، مع أنها تولدت من أفكار بشرية، وإذا كان الزمن قد تجاوزها كما تجاوز الكثير من النظريات فقد آن الوقت للوقوف معها مراجعة وتصحيحاً ودراسة ونقداً، ولا يمكن إلغاؤها، فقد يستفاد منها بطريقة أو بأخرى.
هذا الكتاب سبر أغوار الإنتاج المعرفي في الرؤيا والحلم، فقام بقراءتها قراءة المتسائل والمحلل والناقد ، ولم يكتف بمدونات الموروث العربي، بل شمل أيضا بعض مدونات الموروث الإغريقي والروماني والدراسات الحديثة، في الكتاب يسهم في تقديم رؤية مخالفة لكثير من الأطروحات التقليدية سواء كان انطلاقها الفكري دينيا أو اجتماعيا أو نفسيا أو فلسفية.
يعرض الباحث في هذا الكتاب رؤية متسقة مع دلالات الخطاب القرآني ومتطلبات العصر. فالرؤية التي ينطلق منها تضع معالم الممارسات الإصلاحية المنبثقة من الموروث في آفاق الإثارة الفكرية ذات الإطار الحضاري الاجتماعي لعلاج قضايا الدعوة والإصلاح فهي قراءة برؤية عصرية تحاول معالجة المغالطات في الممارسات الإصلاحية في العصر الحديث لتحقيق التقدم الفكري والإنجاز العملي الصناعة المستقبل وفق مواكبة الأزمنة والعصور.